كان بسجستان شيخ يتعاطى النّحو. فقال يومًا لابنه: إذا أردت أن تتكلم بشيء فاعرضه على عقلك، وفكّر فيه بجهدك حتى تقوّمه، ثم أخرج الكلمة مقوّمة. فبينما هما جالسان في بعض الأيام في الشتاء، والنار تتـّقد، وقعت شرارة في جُبـَّة خزّ كانت على الأب، وهو غافل والابن يراه. فسكت الابن ساعة يفكـِّر ثم قال: يا أبت، أريد أن أقول شيئًا، فتأذن لي فيه؟ قال أبوه: إنْ حقـّا فتكلم. قال: أراه حقـّا. فقال: قل. قال: إني أرى شيئًا أحمر. قال: وما هو؟ قال: شرارة وقعت في جُبـَّتك. فنظر الأب إلى جُبـَّته وقد احترق منها قطعة. فقال للابن: لِمَ لَمْ تُعْلِمْني سريعًا؟ قال: فكرت فيه كما أمرتني، ثم قـوَّمت الكلام وتكلمت فيه. فحلف أبوه بالطلاق أن لا يتكلم بالنحو أبدًا.